الجن 1: خلقهم وتزاوجهم وقدرتهم علي التشكل

 

الجن ، عالم غير مادي لا نعلم عنه الكثير، بل لا نعلم عنه شئ بالمرة،  إلا أن المدعين في هذا الأمر كثيرون بحيث أنك لن تعرف الحقيقة من الكذب والإدعاء، لكن في واقع الأمر، حدثنا القرآن الكريم عن الجن في عدة  سور وخصص الله سبحانه وتعالي سورة كاملة عن الجن بنفس الإسم، وفي الدين المسيحي هناك وصف لهم لكن بإسم الشياطين أو الأرواح الشريرة لأنه وبحسب الديانة المسيحية لا يوجد ما يسمي الجن ، لكن الشياطين والأرواح الشريرة يمكن لها أن تسكن جسد البني آدم ، لكننا سنتحدث عن ذلك فيما بعد، دعوني الآن أحدثكم عما ورد عن الجن من مصادر مختلفة، حتي يكون لديكم خلفية، وسأذكر هذه المصادر في نهاية المقال.

لكن لن أجبركم علي التصديق أو التكذيب فهذا شئ راجع لكم ولعقولكم ولدينكم فلكل إمرء الحق في التصديق أو التكذيب أو حتي التشكيك فيما يراه أو يقرأه لكنني أطلب منكم التحلي بالصبر في هذه السلسلة التي سوف أعرضها بين أيديكم.

*  الجن ووظيفتهم:

الجن قوي عظيمة غير مرئية  خلقهم الله سبحانه وتعالي من مارج من نار وهو اللهيب الأزرق الموجود في أعلي النار الشديدة ويعتبر أفضل جزء من النار ، كما خلق البشر من طين فهم مكلفون مثل البشر لقوله تعالي " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" الذاريات،56 ، بمعني أنهم خُلقوا للعبادة وإتباع الحق منهم من يعبد الله ولا يشرك به أحداً، ومنهم من يتخذ طريق الضلال مساراً له، مثلهم مثل البشر تماماً، الفرق أنهم يرون البشر لكن البشر لا تراهم لقوله تعالي "يا بني آدم لا يفتنكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون" الأعراف 27، بمعني أن الشياطين يروا بنوا آدم لكننا لا نراهم فهم من القوي الغيبية ، يتزوجون ويتناسلون ويعيشون مثل البشر إلا أنهم غير مرئيين .

وظيفتهم هي الوسوسة والفتن ومحاولة إغراء الإنسان ليقع في معصية .

*زواج الجن وتناسلهم:

الجن يتزاوجون ولهم ذرية وفقاً لما قاله الله سبحانه وتعالي في سورة الكهف آية 50 "أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو" وهذا يدل أن لهم ذرية ، حيث أوضح الألوسي وقال " الظاهر أن الذرية هي الأولاد فتكون الآية دالة علي أن للشيطان أولاد وقد روي عن إبن زيد أن الله تعالي قال لإبليس إني لا أخلق لإبن آدم ذرية إلا ذرأت لك مثلها فليس يولد لأدم ولد إلا ولِد معه شيطان يقرن به".

ولو كان الجن لا يتناسلون لإنقرضوا شأنهم شأن البشر، فلو كان البشر لا يتناسلون لإنقرضوا وما بقي منهم أحد، وهذا يعني أن الجن يتزاوجون ويتناسلون فيما بينهم، لكن يبقي السؤال هل الجن يتزوجون الإنس أو يتناسلون معهم؟ للإجابة عن هذا السؤال سوف أدرج العديد من المعلومات التي تؤكد وتنفي هذا الأمر لكن لك الحق في تصديق أي من هذه المعلومات.

الجن خلقوا من نار والإنسان مخلوق من طين فكيف لهذين العنصرين أن يتناسلوا؟ كيف لمخلوق ناري أن ينكح مخلوق طيني وكيف يحمل أي من المخلوقين ذرية المخلوق الآخر مع العلم أنه قد يكون الجن بلا جسد للتناسل مع البشر.

وفقاً لموقع نداء الإيمان، أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " إذا جامع الرجل إمرأته ولم يسم، إنطوي الشيطان إلي إحليله فيجامع معه"، وقال الشبلي أن المنكرين لإمكان المناكحة إعترضوا بأن الجن خلقوا من نار والإنس من طين وهذا يمنع وجود النطفة الإنسانية في رحم الجنية، ثم يرد عليهم بأن الجن وإن كانوا خلقوا من نار إلا أنهم لم يبقوا علي عنصريتهم النارية بل إستحالوا عنها بالأكل والشرب والتوالد، كما إستحال بنو آدم من عنصرهم الترابي بذلك.

و فيما يخص الدين المسيحي ، الشيطان كان من الملائكة لكن بسبب غروره وكبرياءه سقط من المجد الذي كان فيه وأخذ معه العديد من الملائكة الموالين له حيث إعتقد أنه يقدر علي أن يكون إله كما ورد في أشعياء (14: 14-15 ) " أرفع كرسي فوق كواكب الله، أصير مثل العلي" 

ووفقاً لما ورد في موقع الأنبا تكلا هيمانوت أنه ليس هناك أي سند عقيدي أو تاريخي أن الشياطين تتزاوج مع الإنسان، وأدلة ذلك كثيرة منها أن الشياطين أرواح  وليست لهم أجساد تتوالد كالبشر فكيف لكائنات ليس لها أجساد أن تلد كائنات لها أجساد، وهم وإن كانوا قد فقدوا قداستهم إلا أنه ما يزال لديهم طبيعتهم الملائكية ، وقد قال المسيح عن الملائكة في حديثه عن القيامة "لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون، بل يكونون كملائكة الله في السماء" مت 22-30 .

كما ذكر موقع الأنبا تكلا أنه ليس هناك شيطان رجل ولا شيطان إمرأة ولا توجد لديهم أجساد رجال ولا أجساد نساء وبالتالي لا توجد فيهم مواد الإخصاب ولا يستطيعون أن يكونوا مصدراً لإيجاد إنسان ولا حتي إيجاد شياطين ، وسبب كثرة الشياطين هو كثرة عدد الساقطين من الملائكة وليس التوالد فيما بينهم.

*رؤية الجن وقدرتهم علي التشكل:

سورة الأعراف 27 " إنهم يرونكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم" تدل هذه الآية الكريمة أنه لا يقدر الإنسان أن يري الجن أبداً، وأكد المفسرون أن البشر لا يمكن لهم رؤية الجن بصورتهم الحقيقية إلا أن يتشكلوا في هيئات أخري فمن الممكن أن يراهم البشر، وقال بعض العلماء أن رؤية الجن مختصة للأنبياء فقط دون غيرهم، وقد قال الدكتور سعد الحسيني أستاذ الفقه بجامعة الأزهر. أن الإمام الشافعي قال: من يدعي أنه يري الجن فاسق لا تقبل شهادته لأنه يناقض قول الله تعالي في سورة الأعراف المذكورة أعلاه، وأضاف أن للشيطان وحياً كما قال تعالي في سورة الأنعام 112 "وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن، يوحي بعضهم إلي بعض زخرف القول غروراً" وقوله " إن الشياطين ليوحون إلي أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون" صدق الله العظيم، وتجمع جميع التفاسير المعتمدة أن تفسير الآية هو أن وحي الشيطان الخواطر السيئة التي يلقي بها في قلب وليه، وولي الشيطان هو الذي يستجيب له، ولكن مس الشيطان هو كناية عن الصرع .

أما عن قدرة الجن علي التشكل فقد قال شيخ الإسلام إبن تيمية " والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم، فيصورون في صورة الحيات والعقارب وغيرها، وفي صور الإبل والبقر والغنم والخيل والكلاب حيث قال إبن تيمية "الجن تتصور بصورة الكلب الأسود، والقط الأسود لأن السواد أجمع للقوي الشيطانية من غيره، وفيه قوة الحرارة" 

عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال "أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بقتل الكلاب، حتي أن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن قتلها وقال عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان"

كما تم ذكر تشكل الشيطان علي هيئة حية في العهد القديم في سفر التكوين حيث تشكل لحواء و وسوس لها حتي تأكل من الشجرة المحرمة هي وزوجها آدم ليصيرا كالآلهة ولكن الرب عاقبهما بالطرد من الفردوس.

_ هذا وقد ورد الكثير عن الجن والشياطين في الإسلام والعهد القديم والعهد الحديث مما يكثر الكلام عنه، لكنني ذكرت بعض مما ورد فيها، تعتمد مصادري علي الكتب السماوية والتفاسير الدينية لإبن كثير وإبن تيمية وآخرون، يمكن لك الإطلاع علي أي من هذه المصادر والتفاسير كاملة ببحث بسيط علي شبكة الإنترنت.

إنتظر الجزء الثاني من هذه السلسلة قريباً بإذن الله، وإذا أعجبتكم هذه التدوينة أرجوا منكم مشاركتها علي مواقع التواصل التي تظهر أسفل التدوينة ولا تنسوا ترك تعليق حتي يتسني لي التحسين من المدونة .

للجزء الثاني من سلسلة جن إذهب إلي

كتابة: سينا

للإطلاع علي سلسلة سحر إذهب إلي سحر ا