القائمة الرئيسية

الصفحات

 

 منذ  الأزل وكان المصري القديم أول من إخترع عدة تقنيات ومقومات لعيش حياة أفضل،  لكنهم اهتموا بالموت بقدر إهتمامهم بالحياة بل وأكثر من ذلك، فقد قدسوا الموت وحرمته، وإهتموا بقدسية الانتقال بين مراحل الحياة المختلفة التي يمر بها الانسان فالبنسبة لهم لم يكن الموت هو نهاية الحياة بل بداية لحياة اخري ، مجرد نفق للعبور بين الحيوات، ممر يفني به الجسد وتهيم الروح في الأبدية إلي أن تعادو الإتصال بالجسد مرة أخري ، لذلك حاولوا الحفاظ علي الجسد من البلاء والفناء حتي تتعرف عليها الروح أثناء عودتها، لشرح الأمر أكثر تابع السطور القادمة لتفهم مدي تقديسهم لتحنيط الجسد

*ماهو التحنيط:

التحنيط هو عملية حفظ الجسم بعد الموت ليحتفظ بخصائصه المادية بإزالة الرطوبة وإستخدام مواد كيميائية حافظة لتجفيف اللحم والأعضاء لتحافظ علي الجسم حتي تتعرف عليه الروح مرة أخري بعد البعث ولا تخلط بين الأجسام وهذا بالطبع نابع من إيمانهم بالبعث بعد الموت.

 

وقد تمت عملية التحنيط في ثقافات مختلفة وللبعض يعتبر التحنيط تكريم للموتي ولأخرون يعتبر معتقد ديني وايمان بالحياة بعد الموت.

أطلق علي طقس التحنيط إسم "ووتي" بمعني التكفين باللغة الفرعونية، أما كلمة "تحنيط" الحالية مشتقة من اللغة العربية من كلمة حنوط أو المواد التي يستخدمها المحنط أثناء ممارسته للطقس ويطلق عليه حانوتي.

* متي بدأت عمليات التحنيط:

مصطلح تحنيط أو mumy مشتق من اللاتينية  mumia المشتقة من الفارسية  mum والتي تعني الشمع أو الشئ المشمع، تقول الباحثة رانيا محمد  أخصائية ترميم المومياوات في وزارة الأثار المصرية، أن من المعروف تاريخيا أن التحنيط بدأ منذ عصر الأسرة الرابعة، لكنها وبالدراسة والبحث ذكرت في رسالتها للدكتوراه أن هناك إشارات أولي لعملية التحنيط وجدت ما قبل الأسرات

 * لمزيد من مقالات مصر القديمة إضغط هنا 

*لمعرفة لغز مدينة سيفار الغامضة إضغط هنا

* عملية التحنيط:

 قال الدكتور نصر إسكندر أن عملية التحنيط تكمن في سحب المواد والدهون التي قد تسبب عملية التعفن وأن المومياء تستغرق أربعين يوماً للتحنيط ولهذا مازال مجتمعنا محتفظ بذكري الأربعين بعد الوفاة ويتم تشييع الجثة إلي المقابر في جنازات رسمية تستغرق 30 يوما


في إعلان لها أثارت جامعة كوبنهاغن الأقاويل حول عثورها علي مخطوط طبي عمره 3500 سنة ويطلق عليها بردية اللوفر كارلسبرغ، وبداخلها وصف لكيفية تحنيط الوجوه بإستخدام مواد عطرية نباتية وغيرها من الكتان الأحمر وأوضحت أن فترة التحنيط كانت 70 يوما ً وكانت تتم علي فترات.

كما أوضح الدكتور علاء الدين شاهين عميد كلية الأثار الأسبق بجامعة القاهرة لموقع سكاي نيوز أن المواد والأدوات ومدة التحنيط التي تم إيضاحها في البردية لم تكن جيدة بما يكفي وقال أن اللغز سيظل دوماً في نسب المواد وطبيعة التركيبة المستخدمة للحفاظ علي الجسد وهو ما يقال عنه سر الصنعة الذي لم يتوصل إليه أحد حتي الان

يجب علي المحنطين أو الكهنة ان يكونوا علي علم بالتشريح البشري حتي يعلموا النقاط المهمة لعملية إخلاء الجسم من الأعضاء وكيفية سحب المخ من فتحة الأنف الأمر الذي كان دقيقاً جداً وياخذ وقتاً طويلاً ويجب عمله بحذر، ويجب أيضاً أن يكونوا علي علم بالطقوس اللازمة والصلوات التي كانت تقال أثناء التحنيط والتعاويذ والتمائم التي كانوا يضعونها بين طيات الكتان خلال لف الجسد بالكامل لحماية الجثة من النهب أو السرقة أو حتي تدنيس القبور

كان التحنيط يقتصر علي الطبقات العليا في الدولة من الملوك ورجال الدين والنبلاء لأنه كان مكلفاً جداً فكيف تتم عملية التحنيط؟؟

تبدأ عملية التحنيط داخل خيمة مخصصة أو معبد يخص الإله أو الملك ويجب أن يكون المكان طاهراً معداً لمثل هذه الطقوس ويطلق عليه لفظة "بر- عبد" وتوضع الجثة علي منضدة حجرية ويبدأ الكاهن بغسل الجثة بماء النيل المقدس  ثم باستخدام أزميل ومطرقة يقوم الكاهن بكسر عظام الأنف ويدخل صنارة معقوفة بداخل فتحة الأنف ويخرج المخ منها، وهناك كهنة كانوا ينتزعون المخ من فتح خلف الرأس.

 

ثم يتم التخلص من المواد السائلة في الجسم والتي تتسبب في العفن والبكتيريا وذلك عن طريق شق الجانب الأيسر من أسفل البطن وينتزع كل الأعضاء الداخلية ويقوم بغسلها بالماء المقدس ثم يغمرها بملح النطرون حيث يمتص الرطوبة منها جيدا وتوضع الأعضاء في أواني كانوبية كل منها علي حدا، ويترك الكاهن القلب إستعداداً لمحاكمة أوزوريس ولقاء ماعت ويتركون الكليتين أيضاً، لكن الغالبية العظمي يتركون القلب فقط.

 

ويملأ الكاهن التجويف الصدري بالكتان المشبع بمادة الراتنج ومحلول ملح النطرون والعطور التي تمنع التحلل ورائحة التعفن ، بعد ذلك يغمر الجثة بكاملها في ملح النطرون لمدة 40 يوما حتي تجف تماماً من أي سوائل ثم بعد ذلك ينظف الملح من حول الجثة ويتم الغسل للمرة الثانية بماء النيل ثم تجفيف الماء الزائد، ودهان الجثة وغمرها بالعطور النفيسة والبخور وتغمر بمادة الراتنج لغلق المسام ويتم إغلاق الفتحات الأنفية والاذن والعين بالشمع وتلف الجثة بالكتان المشبع باراتنج بين كل طبقة.


* طقس فتح الفم:

هذا الطقس يشتمل علي عدة شعائر مشابهة لطقس الولادة بتنظيف الفم بالإصبع الصغير والاعتقاد السائد أن هذا الطقس ليس فقط للفم بل للحواس التي يحتاجها الميت اولا عند البعث وهي الفم للأكل والأذن للسمع والعين للرؤية

 كما ورد في نصوص الاهرام (130-11) الفقرة 1330 \أن حورس إبن أوزوريس هو أول من فعل ذلك لأبيه

" فمك مفتوح بواسطة حور بهذا الاصبع الصغير والذي به قد فتح فم أبيه، والذي به قد فتح فم أوزير "

وهذا معناه أن الكاهن الذي كان يقوم بطقس التحنيط وفتح الفم هو حورس أبن أوزير، وقيل أن هذا معناه أن من يقوم عادة بهذه الطقوس للمتوفي يجب ان يكون ابنه


* طبقات المتوفين الإجتماعية كان لها يداً عليا ثؤثر علي عملية التحنيط والجنازة فمثلاً عملية التحنيط المذكورة أعلاه هي لطبقة الملوك والنبلاء أما الطبقة المتوسطة كان يتم تحنيطهم بطريقة أقل تكلفة ويستخدم فيها سوائل معينة لإذابة الأعضاء الداخلية ولأامعاء والتخلص منها بدلاً من الإحتفاظ بها في أواني ثم تغمر الجثة بملح النطرون 70 يوماً وتنظف وتلف بالكتان المشبع بالصمغ وكانت توابيتهم أقل زينة.

أما عن طبقة الفقراء فقد كانوا يحنطون بأبخس الطرق باستخدام  محقنة شرجية تضخ مادة تذيب الأعضاء الداخلية ثم يتم الغمر الكامل في الملح 70 يوماً وتلف بالكتان وتدفن مع العامة.

 

محاكمة أوزوريس:

أوزوريس هو إله البعث والحساب عند الفراعنة وهو أيضا رئيس محكمة الموتي

ذكر في كتاب الموتي للقدماء المصريين أنه لدخول الجنة يجب أن يتم وزن القلب في كفة الميزان والكفة الأخري بها ريشة ماعت الهة العدالة والحق حيث يتم وزن القلب إذا كان أثقل من الريشة فيدخل الجحيم أما إذا كان أخف من الريشة أو مثل وزنها يدخل الحديقة أو الجنة ، ويقف الميت أمام محكمة مكونة من 42 قاضيا ورئيسهم أنوبيس إله الموت، وقدر وردت تفاصيل المحاكمة في الفصل 125 من كتاب الموتي بعنوان فصل المحاكمة بإسم بردية  "برت-ام-هرو"


_ قد نصادف في حياتنا العديد من الغرائب، والعديد من الطقوس التي كانت تخصص أمماً بعينها لا نصدق منها حرفاً وأعي تماماً أن هناك من يقرأ كلامي هذا ولسان حاله يقول ما هذه الترهات؟، صديقي إنها ليست بترهات وليست لإتباع العاداة نفسها، إنها طقوس وممارسات قامت عليها شعوب وبثت الحضارة في جميع أنحاء الأرض إلي يومنا هذا، لا تصدق بل إستوعب المضمون بان تقديس الموت كان دوماً محط إهتمام شعوباً قديمة كثيرة


كتابة: سينا



author-img
أنا مجهولة الهوية التي تهتم بما يجذب الإنتباه , عملي هو نبش قبور المعلومات حتي يتوفر لدي ما يكفي لكي أفهم ما يدور في العالم من حولي , قادني شغفي في الكتابة إلي عمل مدونة تهتم بكل ما هو غريب و غامض أتمني لك الإستمتاع بكتاباتي .

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. بارك الله فيك اختي جميل المعلومات هذه

    ردحذف
  2. اعتقد انهم كانوا يحنطون من باب التخليد وليسا البعث , فالظلم الذي كان يفرض على طبقة العامه يوحي بانه لم يكن هناك ايمان بالحساب بعد الموت او الخوف الحساب. والله اعلم

    ردحذف

إرسال تعليق