الجاثوم: ظاهرة جن أم شلل نوم

 يأتي فقط خلال النوم، يمنعك من الحراك، يربط لسانك منعاً للصراخ، يثبتك في مكانك حتي لا تهرب

ليس له وقت فهو غير مرتبط بمعاد للنوم فقد يأتيك ليلا أو نهاراً،  حكيت عنه الأساطير ، وكان مادة ممتازة لصناعة الأفلام، يعاني منه الجميع وعلمياً يسمي بشلل النوم، فما هو الجاثوم!

ماهو الجاثوم ؟

كلمة جاثوم تعني الكابوس الذي يجثم علي الإنسان أي يقع عليه أثناء النوم، فقد ذكره أهل اللغة كتعريف للكابوس وأرجعه حدوثه إلي أسباب عضوية في أغلب الأحيان وليس لجن كما إدعي البعض،

قال إبن منظور في كتابه "لسان العرب" أن الجاثوم مقدمة الصرع وقد يكون لسبب عضوي كتأثير الطعام والدواء أو لسبب أخر مثل تسلط الجن وعلاج الأول بالحجامة وتخفيف الطعام وعلاج الثاني بالقرآن والأحكام الشرعية

وفي كتاب القانون في الطب لإبن سينا ذكر عن الجاثوم (( يسمي الخانق، وقد يسمي بالعربية الجاثوم والنيدلان، والكابوس مرض يحس فيه الإنسان عند دخوله في النوم خيالاً ثقيلاً يقع عليه ويعصر ويضيق نفسه فينقطع صوته وحركته ويكاد يختنق لإنسداد المسام، وإذا تقضي عنه إنتبه دفعة وهو مقدمة لإحدي العلل الثلاث إما الصرع وإما السكتة وإما ألمانيا "الهوس"  وذلك إذا كان من مواد مزدحمة ولم يكن من أسباب أخري غير مادية))

* الجاثوم عالمياً:

في جنوب إفريقيا يسمي تيكولوش وهو كائن صغير الشعر يغتصب النساء ويقضم أصابع أقدام الأطفال أثناء النوم.

في المجر يسمي الشيطان العاشق يتحرك كحصان لكن بجسم إنسان.

في إفريقيا يسمي بوبوباوا وهي روح شريرة تم قتلها بطريقة وحشية وللإنتقام منها أصبحت تأتي للنائمين لتأذيهم وتقتل بعضهم وللتخلص منها يجب إخبار شخص أخر عنها.

يدعي في اليابان كانا شيباري، في إنجلترا وأمريكا أولد هاج، جنوب إفؤيقيا تيكولوشي، في المجر الشيطان العاشق، وفي مصر الجاثوم.

 

 يسمي الجاثوم في بلاد اخري بإسم انكوبوس incubus اي الكابوس وهو شيطان حاضن ذكر يجثم فوق إناث البشر لإغوائهم

لا يعد الجاثوم ظاهرة عربية أو مصرية فقط بل هي ظاهرة عالمية وبدأت أنظار الناس تلتفت لها في العصور الوسطي ، حيث كانوا يعتقدوا أن الأطفال المشوهين وحتي التوائم هم نتاج التزاوج بين إناث البشر والجاثوم

حيث كتب توماس أكويناس في كتابه الخلاصة اللاهوتية (1266-1273) إذا ولد الأطفال من تزاوج الشياطين والأنس فهذا ليس بسبب السائل المنوي للشياطين بل بسبب التفاعل مع البشر.

 وقد  كانوا قديما يعتقدون أن الجاثوم هو شيطان عاشق وهو ذكر يتزاوج مع إمراة البشر أثناء النوم فيأخذ منها البذرة ويذهب ليضعها مع الأنثي من بني جنسه من خلال التزاوج .

وذكر الجاثوم في مذكرات القديس اثناسيوس عن أنطونيوس (361) م أن القديس انطونيوس تعرض لإغراء الشياطين الإناث succubbus وقال "إتخذ الشيطان البائس ذات ليلة شكل لإمرأة وقلد كل أفعالها لإغواء أنطوني"

وعام (230) تمت زيارة القديس هيبوليتوس ذات مرة من قبل إمرأة عارية ولكنه ألقي عليها عبائته لتغطيتها فعادت إلي ماكانت عليه جثة يتم تحريكها

* أسباب حدوث الجاثوم:

- قلة عدد ساعات النوم الطبيعية

- عدم النوم في وقت محدد

- النوم علي الظهر

- مشاكل وتوتر نفسي، وبعض الأمراض المزمنة مثل الصداع

بعض الأدوية التي لها تأثيرات جانبية علي الدماغ مثل فرط النشاط أو نقص الإنتباه

تعاطي المواد المخدرة

* أعراض الجاثوم:

عدم القدرة علي الحركة أو تحريك أحد الأطراف

زيادة سرعة ضربات القلب

ضغط علي الصدر مما يتسبب في ضيق التنفس

عدم القدرة علي إصدار أي صوت

التعرض لهلاوس سمعية وبصرية

* متي يحدث الجاثوم:

يحدث  الجاثوم خلال مرحلة ما بين النوم واليقظة فمثلاً يحدث في بداية النوم أو قبيل الإستيقاظ مباشرة وليس كما هو متعارف عليه أنه في وسط النوم.

وذكر "جاك ديريك بلوم" عالم نفس في جامعة ليدن بهولندا في بحثه، أنه عند الإستلقاء في السرير يبدأ نظام اليقظة في الدماغ الذي ينشط بالتهديد ويسعاد علي خلق هلوسة مركبةلمخلوق يجلس علي صدر النائم

ما يراه النائم في هذه الحالة هو مزيج من محيطه الفعلي وكابوس يحلم به يتم عرضه علي العالم الحقيقي، لتبدو التجربة حقيقية بشكل إستثنائي

وفي تحليل تلوي meta analysis في مجلة frontiers in phychiatry نظر الباحثون في 13 دراسة عن ظاهرة الجاثوم- شلل النوم وشملت هذه الدراسات ما يقرب من 180 شخص من دول مختلفة منهم كندا وأمريكا والصين واليابان وإيطاليا والمكسيك، ووجد فريق الباحثون بقيادة بلوم في هذه الدراسة أن 1 من كل 10 أو 11 % من السكان يختبرون الظاهرةوهذا يعني أن هناك فرصة بنسبة 11 % لأي فرد ان يختبر الجاثوم علي الأقل مرة واحدة في حياته لكن مع بعض الإستثناءات 

فمثلا قال بلوم في بحثه أن بين الأشخاص الذين يعانون من الإضطرابات النفسية واللاجئين والطلاب وقد تصل نسبة مواجهة الجاثوم إلي ما يقرب من 41%  وأيضاً الإحتمالية تزيد بالنوم علي الظهر وإستهلاك الكحول.

* مخاطر الجاثوم:-

هل للجاثوم مخاطر؟ سؤال يطرحه كل من إختبر الجاثوم 

فلا يوجد ضرر عام للجاثوم بإستثناء حالة الرعب والخوف المتمثلة في الحدث ذاته والتي قد تصل لحد الهلع لدي البعض مما يجعلهم مستنفرون من النوم لكن سرعان ما تمر هذه الحالة ويرجع الشخص لطبيعته، لكن بالرغم من ذلك إذا عاني الشخص من قلق من أن يذهب للنوم خوفاً من حدوث الجاثوم يجب عليه زيارة الطبيب النفسي 

أشار بلوم أن تجربة الجاثوم تصل إلي القلق وصعوبة النوم بسبب الخوف وحتي الإضطراب الوهمي وهو ما يشبه الفصام

وأثبت الباحثون في الدراسة إحتمالية كبيرة بوجود صلة بين الجاثوم ومتلازمة الموت المفاجئ غير المتوقع وهي حالة يموت فيها الشخص السليم بشكل غير مفهوم أثناء النوم 

وقيل أن الجاثوم قد يؤدي في حالات نادرة إلي السكتة الدماغية أو القلبية من فرط الرعب كما ذكر في كتاب القانون لإبن سينا "مواد غليظة دموية أو بلغمية أو سوداوية ترتفع إلي الدماغ دفعة في حال سكون حركة اليقظة المحللة للبخار، وقد يكون من برد شديد يصيب الرأس دفعة عند النوم فيعصره ويكثفه ويقبضه ويختل منه تلك الخيالات بعينها"

 - ذكرت لودوفيكوماريا سينستراري في كتابها daemoniatate et incubus et succubis عام 1754 أن الراهبات كانوا أكثر عرضة بشكل خاص للمحتضنين incubus والرهبان عرضة للحاضنات succubis 

وتم تسميتهم بالحاضنين لأنهم يجلسوا فوق الصدر كأنهم يحضنوا الضحية ، وذكر في كتاب malleus maleficarum عام 1486 تصنيف الجاثوم الي ثلاث أصناف:

1- نوع ينتقمون طواعية خدمة للسحرة

2- نوع ينتقمون ضد إرادتهم خدمة للسحرة

3- نوع يعتدي عليهم السحرة ويجعلهم في خدمتهم

ومع إزدياد محاكمات الساحرات فقد كانوا يعتقدون أن الساحرات هم من يمارسن الفحشاء مع الحاضنين "الجاثوم" تعرضت كل ساحرة للتعذيب حتي إعترفت بجرمها ، وكان الإعتقاد السائد آنذاك أن النساء هم أكثر ممارسة للفحشاء لذلك كان عدد الحاضنين الذكور أكبر من الإناث بنسبة 9 إلي 1

مصادر:

كتاب القانون في الطب لإبن سينا

كتاب لسان العرب لإبن منظور

كتاب daemoniatate et incubus et succubis 

كتاب  malleus maleficarum 

موقع  /akhbarak.net/blog/2218/ما-هو-الجاثوم-في-الإسلام-وطرق-علاجه-من-

موقع https://thoughtcatalog.com/christine-stockton/2018/05/everything-you-need-to-know-about-the-incubus-demon/

موقع https://www.psychologytoday.com/us/blog/sleepless-in-america/200809/incubus-attack

 

كتابة: سينا