القائمة الرئيسية

الصفحات

الإحتراق البشري الذاتي: ظاهرة أم إستثناء

 


عالمنا هذا مليئ بالمعجزات، بالظواهر الغريبة، بل ومليئ بالمستحيلات، فمثلاً إذا كنت تري جثة متفحمة تماماً ولا يوجد آثار حريق في المكان فالبطبع ستقول أنها مجرد نشوب حريق، لكن ماذا لو قلت لك أنه لا توجد مسببات حريق خارجي فهل ستتفق معي أنه من المستحيلات!  هذا هو الإحتراق البشري الذاتي أوكما يعرف بإسم spontaneous human combustion أو إختصاراً SHC 

*ما هو الإحتراق البشري الذاتي:

هو حدوث إشتعال في جسد الإنسان تلقائياً بدون مسببات خارجية وينتج عنه إصابات حروق بسيطة أو دخان فقط لكنه يؤذي الرئتين مما يخلف حالات إختناق قد تسبب الوفاة أو تكون الإصابات خطيرة وبدورها تؤدي للوفاة وأسوأ سيناريو هو تفحم الجثة لتحول صاحبها إلي رماد فيما عدا القدمين واليدين. وهو ما ذكره الدكتور أحمد خالد توفيق في روايات ما وراء الطبيعة أسطورة اللهب الأزرق ، وأول من طرح الظاهرة للعلن هو المؤلف الشهير تشارلز ديكنز الذي إستخدمها كطريقة لموت إحدي شخصياته في روايته البيت المشئوم 

قد تصل درجة حرارة الإحتراق إلي 1500 درجة مئوية ويحتاج التفحم إلي 3000 درجة مئوية إلا إذا كان عامل الإحتراق البشري الذاتي هو عامل مادي.


- ما هي أسباب الإحتراق البشري الذاتي؟

 في القرون الماضية كانوا يعزون الفضل في الإحتراق الذاتي إلي العصبية المفرطة أوغضب الرب وعقابه للخطاة والبعض إقترح أن بؤر الشمس الحارقة والعواصف الكونية وحتي الطاقات الإهتزازية في جسم الإنسان هي ما يؤدي إلي الإحتراق البشري الذاتي، وبعد عدة عقود بعض العلماء أرجعوا كيفية حدوث الإحتراق البشري الذاتي إلي الأسباب التالية:

البكتيريا المعوية المسببة للتفاعلات الكيميائية 

الكهرباء الساكنة التي من الممكن أن ترتفع مسببة تولد طاقة هائلة تؤدي للإحتراق

السمنة وهي الدهون التي تعمل كوقود بالنسبة لرأي بعض العلماء

الإجهاد والتوتر والضغط العصبي الزائد

إدمان الكحوليات

غاز الميثان

لكن لا يوجد تأكيد من هذه المسببات حتي الآن والتفسيرات تختلف بين مؤيد ومعارض لهذه الظاهرة ليصفها البعض إستثناء ويصفها آخرون بالظاهرة، إذاً ماذا يحدث في الواقع كي يؤدي إلي الإحتراق البشري الذاتي؟

* كيف يحدث الإحتراق البشري الذاتي ولماذا لا يصدق الكثيرون أنها ظاهرة محيرة؟

في جميع الحالات المسجلة في تاريخ البشرية عن الإحتراق البشري الذاتي تم إيجاد مسببات مادية للحرائق منها وجود السجائر التي كان يدخنها الضحايا وأنهم كانوا جالسون أمام المدفئة أو بجانبهم شموع لذلك تشتعل فيهم النيران بشئ مادي وليس شئ غامض لهذا لا يصدق الكثيرون أنها ظاهرة خارقة للطبيعة، وقد فسر العلماء حدوث الظاهرة بما يدعي تأثير الفتيل أو تأثير الشمعة حيث يحدث الإشتعال بداية من فتيل يلتقط النيران من مصدر ناري متواجد بالفعل في المكان ويكون الفتيل هي ملابس الضحية والتي تنقل الحرارة إلي الوقود وهو دهون الضحية التي تتواجد تحت الجلد مباشرة


 وقال الدكتور البريطاني براين جي فورد من جامعة ليستر لموقع روسيا اليوم أن الجسم يشتعل كأنه قنبلة تحرق الأعصاب في ثوان معدودة وأن الإنفجار يحدث فجأة مشكلاً لهباً حارقاً فيحترق الجسد بشدة حتي لا يبقي سوي الرماد الحار رغم أن اليدين والقدمين تبقي سليمة وأكمل قائلاً أن هناك العديد من مستقبلات الألم في الجسد لذا فإن الإحساس سيكون مؤذياً في أقصي حالاته

وفقاً لعالم الأحياء برايان فورد الذي أعلن عن نتيجة تجاربه للإحتراق البشري الذاتي لمجلة نيو ساينتست عام 2012 وأثبت أن تراكم الأسيتون في الجسم والذي يتم إنتاجه من إدمان الكحول أو مرض السكري أو نوع من أنواع الأنظمة الغذائية قد يؤدي إلي الإحتراق البشري الذاتي

* بماذا فسر العلماء عدم إحتراق اليدين والقدمين في معظم الحالات المسجلة؟

قال الدكتور ستيفن نوفيلا عالم المخ في جامعة ييل في مدونته neurologica.. أن اليدين والقدمين لا يحترقوا في الغالب لتفسير يدعي تأثير الفتيل حيث أن ملابس الضحية تعمل كفتيل ودهون الجسم تكون هي الوقود لذلك يبدأ الفتيل عادة من فوق القدمين وصولاً لما قبل اليدين حسب ما ترتديه الضحية

يزعم العلماء المؤمنون بظاهرة الإحتراق البشري الذاتي أن غالباً ما تبدأ النيران من الصدر أو المعدة تاركة خلفها الأرجل واليدين


* حالات مسجلة لإحتراق البشري الذاتي:

كتب الباحث جوي نيكل في كتابه ريل لايف إكس فايلز real life x files عن بعض الحالات المسجلة تاريخياً التي من الممكن إدراجها تحت مسمي الإحتراق البشري الذاتي وهي:

- ماري ريسير67 عام تم العثور عليها متفحمة ماعدا جمجمتها وقدمها اليسري في ساينت بيترسبورغ فلوريدا في 2 يوليو 1951

- آنا مارتن 68 عام تم العثور عليها في 18 مايو 1958 لم يتبقي إلا جزء من جزعها وأكد تقرير الطب الشرعي أن درجة حرارتها من 1700 إلي 2000 درجة مئوية 

- هيلين كونواي عثر عليها في 1964 مقاطعة ديلاوير بنسلفانيا علي كرسي وقال المقربون منها أنها كانت مدخنة شرهة

-الدكتور جون إيرفنغ بنتلي 92 سنة تم العثور عليه  يوم 5 ديسمبر 1966في حالة تفحم وساقه منفصلة عن باقي الجسد المتفحم في منزله في بنسلفانيا

- جورج موت 85 سنة وجد عام 1986 في نيويورك بقدم واحدة وأنهيت النيران حياته وحولته إلي رماد

- جون أوكونر 76 سنة مارس 1997 لم يتبقي منه سوي رأسه وقدميه

وينوه جوي نيكل أن كل الحالات متشابهة من حيث الأعمار فكلهم ما فوق الستين عاماً وأن إحتراقهم لم يكن غامضاً علي الإطلاق بل كان بسبب تواجدهم قرب مصدر ناري وبعضهم شوهد يجرع الكحوليات قبيل الوفاة


* إذاً لماذا لا تشتعل الغرفة أو الأثاث مع إشتعال الضحية؟

 بمنتهي الغموض النيران التي من الممكن أن تحيل جسد بشري إلي حفنة من الرماد لا تؤثر في محيط الضحية داخل المنازل، يقول نوفيلا أن النيران تنشب في الضحايا الوحيدون بسرعة بإسقاط محتوي الأكسجين في الغرفة وبالتالي لا تنتشر في المكان محدثة ضرراً في الأثاث وغيره، ويحترق الجسم بعد ذلك ببطء حتي يتم التخلص من جميع الوقود أي الدهون، وهذا يترك الجسد في حالة تفحم

وفقاً لموقع لايف ساينس life science أن بعض الإدعاءات المنتشرة عن الإحتراق البشري الذاتي هي إدعاءات خاطئة وعلي سبيل المثال أن الكثير من الصور المتواجدة علناً توضح أن النيران إشتعلت ونشبت في الملابس والأشياء الأخري التي تحيط بالضحية، ويجب أن ندرك قليلاً ما قاله خبراء الحرائق أن "الكثير من النيران هي ذاتية التحديد بمعني أنها تهبط تلقائياً بعد نشوبها طبيعياً بسبب أنها تخلق من الوقود علي الرغم من أن العامة دائماً ما يرون أن النيران الغير مسيطر عليها تحرق الغرف المباني بأكملها لتحولها إلي كومة رماد"

لقراءة مقال النكرومانسي إضغط هنا

ويخبرنا علماء الحرائق أن النار شئ غير متوقع وأنه من غير المستحيل أن سجادة ما أو سرير أو كنبة تقوم بإلتقاط النار بدون نشرها في باقي المحيط لأن عادة ما تشتعل النار لأعلي بدلاً من إنتشارها في إتجاهات مختلفة، وعليه فإنه ليس شيئاً خارقاً للطبيعة أن تجد شخص مشتعل في زاوية من غرفة حتي الموت في حين أن باقي الغرفة لا يوجد بها ضرر إلا من بعض آثار الدخان الأسود

ختاماً:

وهكذا ما بين الإعتراف بأن الإحتراق البشري الذاتي هو ظاهرة محيرة وإنكاره لأنه مجرد إستثناء حدث فقط ل250 فرد في العالم علي مر قرون، كان لابد لي من كتابة ما وجدت من معلومات موثقة عن الإحتراق البشري الذاتي لعلنا نجد الإجابة عن أسئلتنا المحيرة لظاهرة من أكثر الظواهر الطبيعية غموضاً تحدث للإنسان حتي وإن كان عدد من إحترقوا ذاتياً هو عدد قليل

لا تنسي مشاركة المقالة في حال أعجبتك، ولا تبخل علي مدونتي بالإشتراك 

بحث وكتابة: سينا


author-img
أنا مجهولة الهوية التي تهتم بما يجذب الإنتباه , عملي هو نبش قبور المعلومات حتي يتوفر لدي ما يكفي لكي أفهم ما يدور في العالم من حولي , قادني شغفي في الكتابة إلي عمل مدونة تهتم بكل ما هو غريب و غامض أتمني لك الإستمتاع بكتاباتي .

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق
  1. هي ظاهره غريبه فعلا ويمكن من أشد الغرائب لأنها مثبته وموثقه وللآن لا تفسير لها ..لكن بعتقد أن السبب طبي نادر فالجسم البشري للآن مازال لغزا كبيرا ...قصه مسليه وشيقه ...كل الشكر ...كل الشكر وعام جديد سعيد ...كنت قد أرسلت عدة أفكار لإيميل المدونه jeandoe27@gmail.com
    ♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆

    ردحذف
  2. شفاءا لا يغادر سقما بإذن الله ..كانت عدة إقتراحات بأقسام جديده للمدونه ربما مثل ما كان في موقع كابوس كقسم للأحلام والرؤى وقسم كمراجعة الأفلام وممكن قسم للصور الغريبه مع التعليق ..مجرد رأي طبعا ...وشكرا جزيلا ومزيد من القصص الشيقه .

    ردحذف
  3. موضوع غريب، أول مرة أقرأ عنه.
    شكرا سينا!!

    صاعد اليماني

    ردحذف
  4. شكرا اخي صاعد أتمني ان تعجبك باقي المقالات

    ردحذف

إرسال تعليق